إلتحقت بغرفة نومها ثم إستوت على سريرها ربما تستمتع لبعض الوقت في تتمة كتابها
سيما والمكان هادئ من حركة عائلتها الصغيرة، وبعد ساعة وقفت متذبذة في معالجة
موضوع كتابها الزاخر بالفوائد المتفرقة في الحضارة العربية، رن هاتفها المحمول
فجعلها ترتجف كالبلبل المذبوح وبحركة كادت ان تفثت أعصابها ردت بصوت
مضطرب من المتصل؟... وبمجرد سماع صوته حسبت دقات قلبها وهربت منها
صرخة ألم صامتة من الأعماق الى الأعماق محشوة بكثير من الذكريات المرة ،
فما كان منها الا أن وافقت على اللقاء.
ألقت سمية بهاتفها جانبا بانتظار سلة دموع معلقة منذ عقدين ونصف أبت ان تستجيب،
فوضعت أفكارها التي تتسم بالعقلانية والمرونة في الموعد المرتقب، إستوت من جديد
ومهمهت بأن الهروب منه هذه المرة لن يفيذ بل لم يعد له معنى ولا مغزى فالمواجهة
هو الخيار الصائب ، ولان إنتكاستها النفسية أخذتها الى عالم أرحب وأكثر إخضرارا
يزخر بالهواء النقي الذي يحتاجه العقل والرئتين على السواء.
لم تعد تفصلها عن موعد اللقاء الا ساعات قضتها بين التفكير والصحو والغفو، الى أن
إستقرت في بؤرة القلق والخوف والتوثر مع إطلالة أولى خيوط ضوء الصباح، أجل
.الخوف... ذلك الشيطان الماكر المؤذي الذي يتسرب حيث تعجز المشاعر الجميلة أن
تستوطن... شيطان مارد يغزو الافئدة فيجعل بوصلة التفكير تزج بالفرد وسط نار يكتوي
بجمرها فيتحول الوضع الى أزمات مزمنة لا يملك القدرة على مواجهتها
عبثت في دولابها واختارت المناسب لذلك اليوم من الملابس ثم رفعت فنجان قهوتها
ورشفته في جرعة كبيرة، وإتجهت صوب سيارتها وبكل ما ملكت من قسوة أدارت
المفاتيح لتخضع المسكينة لرغبتها... زفرت نفسا عميقا عله يخفف عنها وطأة هم رابض
فيها مرغمة والمملوءة على صدرها منذ زمن وهي تتذكر تلك البقعة السوداء التي وضعها
بالاتجاهات المعاكسة، فتحت النافذة فعبث النسيم بشعرها الأشقر الطويل وكلما زادت
سرعة السيارة هربت بعص الشعيرات لتلاحقها أفكارها وتتقرر أن تحمل رأسها بهمومه
الى البعد البعيد.
ها هي في المكان الموعود ، رأته جالسا من بعيد يحتسي الشاي، دق قلبها من فرط السعادة
والحرقة وبخطى تابثة توجهت صوبه وألقت عليه التحية ثم جلست فأصيبت بالخرس
الى ان جف لسانها في حلقها، فبدأ الحديث بعد انتظار مخاطبا إياها ... إن بعدك جعل الجدار
الفاصل بيننا عال وسميك، وبصبر وهدوء ردت بالفعل أصبح أعلى وأسمك مما توقعت ،
و الأسرية و بسبب المعاناة التي فرضتها علي، إنه الضياع بكل معانيه النفسية والانسانية
الثقافية والاجتماعية و الأخلاقية.هل لا زلت تذكر تسلطك وقسوتك؟ هل تتذكر يوم رميتني
خارج بيت الزوجية دون سبب وأذيتني بالضرب والالفاظ النابية أمام مرآى ومسمع الجيران
كان جوابه أنه لازال يتذكر الحادث بتفاصيله الصغيرة وانه نذم ويسعى وراء العفو والصفح،
لكنها انفجرت من جديد في وجهه... تقاسمنا لأكثر من عقدين ونيف حياة ليست بالعادية بلغت
فيها معاناتي اوجها وكنت دائما أصفح وأنسى حتى وان كان النسيان يضيع ما بقي في القلوب
ارتبطنا لم يكن عمرى أنذاك يبلغ الثامنة عشرة ربيعا، من نبض و يقتل كل شيئ... عندما
الخالد في الثقة والانسانية والعطف و إعتبرتك كل شئ في حياتي تصورتك دائما النموذج
الأخلاق، إنهمرت الدموع من عينيها علها تغسل جزءا من تلك المعاناة، لكن اليوم أعتبرك
مجرد إنسان مريض مجرد من العواطف، متسلط وقاس في معاملتك وسلوكك وهذا يتناقض
مع عطف وحنان الأزواج على زوجاتهم وحتى يكون ما أقصده واضحا فأنا لم أكن أبدا ضد
العتاب اذا اقتضت الضرورة دون افراط يدمر النفسية ويقضي على الشخصية فيتحول الى
مرارة لا تعادلها مرارة لكن قد تجعلنا نتعود على البعاد سلبية كما حصل ، وأن فقدان الشريك
مجرد فراق موسوم بالألم والحرقة و حتى تذبل أوراقالعشرة بغثة من دون ان نشعر ويبقى
الجراح متساويين في ثقافتنا الذاتية. تصرفاتك الطائشة قضت على كل شيء جميل وكانت سببا
مباشرا في إنهاء علاقتنا.
بدت على عينيه نظرات قاتمة انعكست على ملامح وجهه حتى انقبضت وأخذ يترقب بجميع حواسه
أن شيئ ما حدث ... إنه الإدراك الذي جعل العبء على كاهله كبير ... فردها المتزن صدمه
... طرق رأسه وصمت طويلا ثم همس في ضيق: إن جوابك وندم على شموخ أنفه في ترفع...
هذا لأعظم دليل على أن الهوة التي فصلتنا تضاعفت ولمست جليا الحواجز التي اعترضت طريقنا
وفرقت بيننا للأبد.
علت عينيها نظرات تنطق بالحنان حتى خفق قلبها وهي تودعه... شدت على يده بقوة وإنصرفت لحالها
علت عينيها نظرات تنطق بالحنان حتى خفق قلبها وهي تودعه... شدت على يده بقوة وإنصرفت لحالها.
هناك 5 تعليقات:
وظيفة جيدة جدا.
صباحكِ جمال صباح الراقية
ورائعة هي تلك القصة من قلمكم
ومؤثرة
سرني الصباح في رحاب قلمكم
دمتم بود
الله يرزقك مما تتمنى
احترامي لرأيكم
العفو صديقي المحترم د ريان
حللتم سهلا والشرف لي
لكم خالص تقديري
صباح الورد صباح الراقية
صباحك نسائم ألفة وحنان
شعرتها وأنا أقرأ سطورك
جئت هذا الصباح الى ركنك أبحث عن جديدك
ولأنني لم أجدة عدت أدراجي الى الخلف
ووجدتني أتعثر بين سطور قصتك
قرأتها بكل مشاعرها وأحاسيسها
تلك الصغيرة التي تزوجت لتكمل عمراً معه
توقفت الحياة رغماً عنها ولم يتوقف العمر
مضى كل منهما في طريق وكل خطوات
كانت تبعدهما لكنهما معاً
لا أدري لماذا أستوقفني العنوان
لقاء
الفة وفرق
اولاً جعلتي القاء كلمة وجمعتي ألفة
وفراق معاً ..
لانستطيع القول أنهما لا تلتقينا
بل كثير من الأحيان يكون الفراق رغم
الالفة وقد يكون الفراق للحفاظ على الالفة
وختمتي قصتك بكلمات جذبتني جداً ..
((علت عينيها نظرات تنطق بالحنان حتى خفق قلبها وهي تودعه))
ليته قرأ عينيها جيداً
أنه نظرات وقلب انثى ..
كم أسعدني صباحي بين سطورك
دائماً سأعود لركنك الراقي
دمتِ بعذوبة
إرسال تعليق