إن سهولة انتقال الأفراد من مكان إلى آخر بين شتى دول العالم ساعد على سهولة انتشار العدوى بالإيدز في مختلف البلدان ، ومع ذلك فالقول الفصل في عدوى الإيدز: أنه مرض سلوكي يرتبط بسلوكيات محددة ، والالتزام بضوابط تلك السلوكيات يحمى الإنسان من رعبه قاتل والمدمر.
لا زال مرض فقدان المناعة المكتسبة ( الإيدز ) يلحق أضرارا فادحة ويحصد المزيد من الضحايا سنويا عبر العالم، فأجراس الخطر تدق من كل الجهات من اجل محا ربتة إخراجه من الظل والمزيد من السكوت عنه معناه الموت المباشر . خلت 25 سنة ونصف من الجهود والكفاح والوقوف في وجه هذه الآفة لكنها تزداد انتشارا كل يوم بحوا لي 11 ألف إصابة وأكثر من 3 مليون حالة وفاة في السنة.
القارة الإفريقية تتحمل الجزء الأكبر من أعباء هذا الوباء الفتاك بشمولها لوحدها أكثر من 25 مليون مصاب من بين 40.3( الأربعين مليون) يعيشون وهم حاملين للفيروس في العالم. ويظل هذا الرقم مرشح للارتفاع لأن كل حالة معلن عنها يقابلها عدد كبير من حاملي الفيروس الغير معلن عنهم فسنة 2006 سجلت 4.3 مليون إصابة جديدة بالفيروس و أكثر من 2.3 مليون طفل نقل إليهم المرض سواء عن طرق الأم الحاملة للفيروس أو طريق الدم الملوث أو عن طريق الحقن الغير معقمة ، وأن طفلا واحدا ما دون 15 سنة من العمر يصاب بالمرض كل دقيقة، وآخر يتوفى كل دقيقة وهذا حسب تقدير تقرير الأمم المتحدة المكلفة بمتابعة هذا المرض والذي يعتبر أكثر متوقية .(1)ا
الإيدز في العالم العربي
إن ارتباط مرض الإيدز بالفقر من الأسباب القوية التي تؤدي إلى الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسبة، لذلك يجب أن يكون الفقر محورا من المحاور الأساسية وموضع اهتمام ومناقشة، فمع الفقر تزداد نسبة تعاطي المخدرات،و الانحرافات التي تعتبر ضمن وسائل نقل المرض، فبسبب الفقر كذلك يتعذر العلاج و يتضاعف انتشاره، ولابد من التعرض لأسباب الإصابة بالمرض كل على حدة من فقر ومخدرات ورذيلة وغيرها من الأسباب، ثم وضع آليات فعالة للتصدي له.
و من العوامل التي تساعد على انتشارا لإيدز في العالم العربي، كما أوردها تقرير البرنامج لأممي هي كالتالي:
يعتبر السودان من الحالات خاصة بسبب مروره في عدة حروب أهلية ولأكثر من عقدين من الزمن ولدت أرضية خصبة لانتشار هذا الوباء، فالسودان وحده في العام 2005 سجل أكثر من 350 ألف حامل لفيروس الإيدز، بحيث توصلت دراسة أجريت في ضواحي الخرطوم إلى أن 1% من السكان مصاب بالمرض وأن 2% من الرجال لا يعرفون بأن استخدام العازل الطبي قد يجنبهم الإصابة بالمرض. إذا أين هو المواطن السوداني من دور التوعية والوقائية؟
ويشير نفس التقرير بوضوح إلى كون نسبة الإصابة بالمرض بين المدمنين على المخدرات في كل من ليبيا وإيران عالية جدا حتى ولو أن ظاهرة الإدمان متواجدة في العديد من دول المنطقة إلا أن السبب في هذا الانتشار الكبير يعود إلى استخدام أدوات حقن الغير معقمة . وقد أشارت دراسة أجريت في المنطقة إلى أن 4 من بين 10 من المدمنين في الجزائر يستخدمون إبر وأدوات غير معقمة، وتصل النسبة في مصر والمغرب إلى 5 من بين ،10 وفي لبنان 6 من بين 10.إن تعاطي الجنس بدون وقاية يعتبر كذلك من بين الوسائل المساعدة بكثرة في المنطقة على انتشار الإيدز سواء داخل أوساط تجارة الجنس أو بين الأزواج. وتبلغ نسبة الإصابة بسب عدم الوقاية في أوساط تجارة الجنس في بعض المناطق من الجزائر ما بين 9 و 10% في حين تصل النسبة في المغرب 2،2% . وفي المملكة العربية السعودية يعود نصف الحالات المسجلة لمرضى الإيدز هو تعاطي الجنس دون وقاية، إذ تشكل نسبة 67% من حالات الإصابة بالإيدز في ثلاثة مدن:هي جدة والرياض و الدمام. وينتهي التقرير إلى أن اتخاذ بلدان منطقة الشرق الأوسط لإجراءات التوعية والوقاية قد يجنبها خطر تفشي الإيدز. كما أن عملية العلاج تعرف تقدما بطيئا في المنطقة بحيث لم يحصل على العلاج في نهاية 2005 سوى 4000 شخص، في الوقت الذي يحتاج فيه العلاج أكثر من 75000 مريض .
ويشدد التقرير على أن قلة المعلومات تعيق عملية رصد توقعات الانتشار بدقة في العديد من البلدان العربية خصوصا داخل الفئات الأكثر عرضة مثل المدمنين على المخدرات وذوي الشذوذ الجنسي وممتهني الجنس.)(1)ا
ـ الاتصال الجنسي بين شخص مصاب وآخر سليم، بنوعيته الطبيعية أ والشاذة والغير محمية.
ـ استخدام الإبر الملوثة بدم مصاب بالإيدز، وعلى رأسها إبر المخدرات الوريدية.
ـ نقل الدم الملوث أو أحد مشتقاته، كذلك نقل الأعضاء. ـ نقل المرض من الأم إلى الجنين .
- ينتقل كذلك عبر السائل المهبلي- السائل المنوي- حليب الأم المصابة
هذا المرض لا ينتقل عن طريق الهواء ولا الماء ولا الملامسة ولا الأكل ولا اللعاب البشري لا ينقل كذلك عبر الجهاز التنفسي يعني حتى لو اقترب شخص سليم من مريض الإيدز ولامسه وحدثه أو وكحّ ( سعل) أو عطس في وجهه فلن تصيبه العدوى، وإنما ينتقل بالطرق التي سبق ذكرها.... فمريض الإيدز يستطيع الزواج والإنجاب وممارسة حياته الطبيعية إذا التزم واستخدم وسائل الوقاية و الحماية . المعرضون أكثر لخطر الإصابة بالإيدز هم : ـ الزناة والشاذون جنسياً. ـ المدمنون والمدمنات على المخدرات بجميع أنواعها. ـ المشردون واللاجئون وضحايا الحروب والنزاعات المسلحة و والنساء وأطفال الشوارع .
لنعود إلى مرض الإيدز في المغرب
المغرب بطبيعته الجغرافية بلد سياحي مفتوح على الغرب، وها نحن في فصل الإيجارات والمرح والراحة والاستجمام، وكل هذه العوامل تساعد على فتح الأبواب الموصدة أمام تكاثر وزحف الوباء فتاك (الإيدز) وسط بلد يمتاز بشمسه وأمنه وحرياته وهدوئه وحسن ضيافته، لهذا يتوافد عليه الكثير من الأجناس من دول مختلفة نجد نسبة الشواذ منهم جد مرتفعة لما يتلقوه من اهتمام ووفرة اللحوم البشرية الفتية أبخس الأثمان من أجل ممارسة ليبراليا تهم ألجنسيه المريضة في العديد من المدن السياحية المغربية. حيث يعمل الشواذ المغاربة والأجانب بطريقة تتسم بالكثير من الحرية لهذا يتوجب علينا عرض هذه الظاهرة على محك النقاش وبالكثير من الوضوح حتى يتم الاهتمام بها للحد منها أو تخفيف حدتها على الأقل.لأن سبب انتشار هذا الوباء يأتي كنتيجة الانغماس في العلاقات الجنسية الغير المشروعة بالدرجة الأولى.
نجد أغلب الشباب المغاربة سواء كانوا إناثا أو ذكورا تدفعهم ظروفهم المادية المزرية أو الاجتماعية، كذلك أميتهم وجهلهم بالعواقب الوخيمة لتبعات سلوكهم المخجل ، إذ اقل ما يصبهم هو فيروس هذا الإرهاب البيولوجي الطبيعي الأشد فتكا وتدميرا، أو بسبب تطلعهم لتحسين أوضاعهم وذلك من خلال إيجاد فرصة للهجرة إلى الضفة الأخرى مما يجعلهم يرضخون ويقبلون العروض المغالطة لهؤلاء السياح الذين لا يخضعون لأية مراقبة طبية عند دخولهم أو خروجهم من الوطن، لأن وللأسف الشديد الاتفاقية التي وقع عليها المغرب تمنع منعا كليا السلطات المختصة من مضايقة وإزعاج السياح الوافدين من خلال إجبارهم على القيام بالفحوصات الطبية أو منعهم من الدخول حتى وإن تبثث إصابتهم بالعدوى ، بل أكثر من ذلك يجب على السلطات المغرب حمايتهم والسهر على راحتهم وأمنهم حتى مغادرتهم التراب الوطني ،إذ تعزي الدكتورة عزيزة بناني الإطار في البرنامج المغربي لمحاربة الأمراض الجنسية ومرض الإيدز حسب تصريح لها أن جميع الإجراءات والتسهيلات التي يناط بها السائح الأجنبي هي أخلاقية محظه إضافة إلى احترام بنود الاتفاقية الدولية الموقع عليها من المغرب والتي تمنع فحص السائح ومنعه من الدخول للتراب الوطني(3)
فالأشخاص الذين يصابون في المغرب بالأمراض الجنسية المختلفة و المنقولة يصل سنويا إلى أزيد من 300 ألف حالة وحسب مسح لوزارة الصحة المغربية التي سجلت 20 ألف حالة مصابة بفيروس الإيدز 1839 حالة مصابة بالمرض وصلت حالتهم المرضية إلى المراحل المتقدمة وهؤلاء الذين لم يكشف عن عددهم ولم يخضعوا لأية معاينة تظل أرقامهم مجهولة والعلاقات الجنسية الشاذة إحدى أهم الأسباب الأولى لانتشار هذا المرض القاتل بسرعة فائقة.
تعد مدينة أكادير أكثر المدن تضررا إذ توجد على رأس هرم المدن المغربية بنسبة 19% إذ تضاعف عدد المصابين فيها إلى أزيد من ثلاث مرات وبهذا تحتل العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء الرتبة الثانية حسب التوزيع الجغرافي بالتراب الوطني. وتوضح دراسة أنجزتها مصالح وزارة الصحة المغربية أن الشريحة الأكثر عرضة لهذا المرض هم فئة الشباب خصوصا المدمنين والشواذ والمومسات والسجناء، كذلك فئة من رجال الأمن والجيش وسائقي الشاحنات التجارية الذين ينتقلون باستمرار خارج أرض الوطن في مهمات بعيدا عن بيوتهم ولمدة زمنية طويلة.
أرقام وطرق انتقال عدوى الإيدز في المغرب حسب نفس المسح والذي جاء كالتالي:
- عن طريق الاتصال الجنسي بنسبة 82%
- بسبب المخدرات .... بنسبة 4 %
- بسبب حقن الوريد الملوثة ... بنسبة 4 %
- نقل الفيروس من الأم للجنين ... بنسبة 3 %
- وسائل مختلفة .... بنسبة 7 %
كذلك نسبة 84 % من المصابين يتواجدون في المدن ، 12% في القرى، الفئة العمرية ما بين 30 - 39 سنة والتي تحتل نسبة 34 % مقارنة مع الفئات العمرية المحدد بين 15 -49 سنة.
النساء أكثر عرضة وتضررا من الإيدز
حسب دراسة أنجزت حول هذا الوباء والتي خلصت إلى أن المرأة معرضة 3 مرات للمرض أكثر من الرجل بسبب وضعها الاقتصادي والاجتماعي الحرج ، فالمرأة المغربية مثل مثيلاتها في الدول النامية عند إصابتها بالمرض لا تستطيع توفير وشراء الدواء ، كذلك طبيعة تكوينها الفيزيولوجي، إذ أن جهازها التناسلي يتعرض للجرح بسهولة ومن ثم يسهل على الفيروس اقتحام الجرح وقد تصاب المرأة بالمرض دون أن تظهر عليها أعراضه وقد يعيش معها لمدة زمنية تفوق 20 سنة بعد تلك المدة فقط تبدأ أعراض المرض في الظهور وهذا ما أكدت عليه الدكتورة نادية بزاد رئيسة فرع المنظمة الإفريقية لمحاربة الإيدز والتي بدورها دقت ناقوس الخطر عبر إعلانها ارتفاع نسبة النساء المصابات بالمرض الفتاك الذي ناهز نسبة37% في نهاية عام من عدد المصابين رجالا ونساء في الوقت الذي كان لا يتعدى هذا الرقم حتى السنوات الأخيرة 20%. والأعداد لازالت في تزايد مستمر ونجد منهن من انتقل إليهن المرض عبر أزواجهن، وهناك من علمن بإصابتهن بعد موت الزوج. للإشارة تبلغ تكلفة الدواء الشهرية في المغرب ( ما بين 110 إلى 150 دولار أمريكي) (4)
كذلك الأطفال أكثر عرضة وتضررا من الإيدز
* ففي كل يوم أكثر من 1800 عدوى جديدة بفيروس نقص المناعة المكتسبة عند الأطفال دون سن الخامسة عشر، معظمها ينتقل من أم مصابة لوليدها.
* كل يوم يموت 1400 طفل دون سن الخامسة عشر بسبب الأمراض المتعلقة بالإيدز.
* كل يوم أكثر من 6000 شخص تتراوح أعمارهم ما بين 15 – 24 سنة يصابون حديثاً بفيروس نقص المناعة البشري(5)ا
نسبة الإصابة بمرض الإيدز عند الأطفال بالمغرب
رجحت جمعية شمس لمكافحة مرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز) لدى أطفال المغرب أن يناهز عدد المولودين الجدد الحاملين لفيروس المرض 150 حالة في السنة بالمغرب. وبنت الجمعية هذا التوقع على عدد الولادات السنوية الذي يصل إلى (713 ألف ) والنسبة المئوية للمصابات بالإيدز أو الحاملين للفيروس بين النساء الحوامل التي تبلغ 0.06% مع العلم بأن خطر انتقال الفيروس للجنين يصل إلى 35% في حالة انعدام الوقاية. وفق تصريح للجزيرة نت ألقته الدكتورة سمية بن شقرون رئيسة نفس الجمعية ، أن حوالي 100 طفل يتلقى العلاج ويتبعه بانتظام إلا أن عددا هاما منهم ينقطع لعدة أسباب عن العلاج ما يجعل نسبة الوفيات غير معروفة بدقة. (6)
مهما وصل العالم من تطور وتقدم إلا أن العلماء والخبراء عجزوا بالرغم من كثرة التجارب العلمية التي جرت حتى الآن، عن إيجاد علاج ناجع للمداواة من مرض الإيدز أو الوصول لدواء فعال يقضي بصفة نهائية عن عدوى المرض وها هي رقعته تتسع من سنة إلى أخرى والمجتمعات خصوصا العربية لازالت تعتمد الصمت عن الموضوع وليست لها الجرأة الكافية للتحدث عنه وإعلان أرقامه المخيفة علنا خصوصا وانه يحصد شبابنا وشيبنا و على الرغم من كل الخطط والجهود المبذولة الوضع خطير جدا والمرض يتطور بسرعة وها هو طاعون العصر الحديث المتقدم الذي دفع الناس إلى الابتكار والاختراع والذي نقل البشرية من طور البخار إلى الكهرباء إلى الذرة ثم النووي عجز عن ابتكار دواء لمرض خبيث ابتلت به الإنسانية وأصبح يحصد الملايين من الأرواح يوميا حول العالم وإزاء هذا الخطر المحدق بالكرة الأرضية فلا بد من الحماية وكيف للبعض أن يعتبرها مسؤولية الأشخاص فقط بل هي مسؤولية المجتمع ككل، ومسؤولية مهمة المنظمات الحكومية والغير حكومية والمنظمات الدولية والإقليمية وكذلك المجتمع الدولي بشكل عام.
المثل تقول ( الوقاية خير من العلاج ) .... ( درهم وقاية خيرُ من قنطار علاج )
لهذا تتوجب :
*- التوعية المستمرة ولالتزام بالسلوكيات والأخلاق والعفة التي يحض عليها الإسلام بل جميع الدينات السماوية من خلال الابتعاد عن الزنا واللواط والسحاق والشذوذ الجنسي السبب المباشر الذي تكمن وراءه سهولة انتقال العدوى من شخص مصاب لآخر.
*- هنا تتجلى وظيفة أهل العلم والقيادات الدينية، في الدفع بعجلة التوعية والتقدم إلى الأمام وسبل التوبة مفتوحة أمام كل البشر إلى ما لا نهاية ودحض كل من حاول السير في دائرة سيئة من خلال الإرشاد والتعريف عبر منابرهم وأقلامهم وفتاواهم وخطبهم بأن مصير كل من سلك ذلك الطريق آيل للسقوط والهبوط دون أدنى تمسك بدورة الحياة ودعم وترسيخ القيم الأخلاقية التي تتجلى في (العفة والكرامة والطهارة بما لها من معنى). أم أن دور أهل العلم في هذا الزمن يقتصر على الفتاوى أو كما سماها البعض البلاوي الغير المسؤولة فقط ؟؟؟
* - حتى برامج الأمم المتحدة والذي كان يدعو للجنس الآمن وغيره من الشعارات المرفوضة من كافة الشرائع السماوية أخذ منحنى آخر مؤخرا بحيث عزز مفهوم الزواج، وأكد على ثقافة الفضيلة والعفة لأنه السبيل الوحيد للحد من انتشار المرض.
*- كذلك الأديان السماوية نظمت ممارسة المتع الحسية ولم تحرمها،لكنها فرقت بين الحلال والحرام ، فالحرام ممنوع والحلال مباح.إذ من هنا يتوجب الأخذ بالتعاليم الدينية والعمل بها لأنها وحدها الكفيلة بإغلاق المنافذ المفتوحة التي يدخل منها الوباء المدمر لحياة الأفراد والجماعات. فالتعاليم الدينية حللت الزواج، ورغبت فيه وأسبغت عليه قدسية جعلته فريداً عن سائر العقود، والقرآن الكريم وصف خلق الأزواج بأنه آية من آيات القدرة الإلهية في قوله تعالى: { ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون } وحرم كل وسائل الاستمتاع الجنسي الغير شرعيي حين قال تعالى (( ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً )) وحث كذلك على المحافظة على كل القوى العقلية للإنسان، وحرم كل مؤثر عليها من خمر ومخدر أو مفتر أياً كان نوعه، بغض النظر عن طريقة تناوله. ومن هنا يجب التشبث بما يجلب النفع، ويدفع الضرر إقتداء بتعاليم الشرائع السماوية، وكذلك التمسك بحقوق الإنسان، والعفة و الكف عما لا يحل لتمكين الإنسان من المعاني الروحية والقيم الدينية التي تحميه وتقربه من الله، وتطبيق مبدأ المراقبة في مواجهة وباء الإيدز على المستويين الاجتماعي والشخصي في السر والعلا نية.
أساليب الردع والوقاية والدعم
*- يجب على السلطات المختصة عدم التسامح مع الشذوذ والممارسات الجنسية اللاأخلاقيه وأن لا تفسح المجال أمام كل القيم والسلوكيات الانحلالية كي تخيم بظلالها على الأفراد والجماعات والمجتمعات و التي أدت لتفشي الإيدز وبطلت سرعة عجلة الكفاح ضد العدوى القاتلة والتي تعتبر النقيض المباشر للظرف العصيب الذي تتضافر فيه كل الجهود من أجل التصدي لأكبر التحديات في عصرنا الراهن.
*- يجب إلقاء الضوء والسهر على أهمية دعم دور الأسر المركزي كوحدة أساسية في المجتمع .
*- توجيه وتكثيف برامج التوعية الخاصة بالأطفال والنساء الأكثر عرضة للإصابة بالمرض.
*- وأمام هذا الزحف المستشري لهذا الوباء يجب توفير و تخفيض ثمن كلفة الدواء الباهظة.
*- يجب كذلك حضور دور أكبر وآليات فعالة للأمم المتحدة و الدول الكبرى الغنية، من خلال التعهد بتوفير العلاج الكامل لمرضى الإيدز، لأن علاج المرض جد مكلف ويحتاج إلى الاستمرارية، وكذلك تعهد الحكومات بالمساهمة بإعادة تأهيل المرضى، وتصحيح سلوكياتهم، وفي الوقت ذاته احتوائهم، وتوعيتهم بالموازنة مع المجتمع من خلال بسط جميع الطرق وكيفية التعامل مع المصابين، حتى لا يصل الأمر بالمرضى لأوضاع نفسية جد خانقة تزج بهم إلى الانتحار، نتيجة إهمال متطلباتهم ونبذ المجتمع لهم ولأسرهم.
*- يجب توفير علاج شامل داخل مؤسسات مشتركة يسهر على تنفيذه الأطباء والأخصائيين النفسانيين و الاجتماعين كما يجب إرشاد المريض إلى الطرق الصحيحة للتعامل مع أسرته ومع الآخرين وكيفية التعايش مع المرض.
*- حث المواطنين على الفحوصات الطبية المجانية والسرية بالنسبة للمصابين وكذلك التحليلات البيولوجية المجانية.
*- حمّل شركات الأدوية العالمية العاملة في مجال تطوير علاج للإيدز مسؤولية انتشار المرض بسبب الغلاء الشديد في تكلفة استيراد الأدوية للدول النامية وهو ما حدّ من وصولها إلى أيدي ملايين المرضى.
*- يجب المشاركة الفعالة للدول المتقدمة من أجل الحد من انتشار مرض الإيدز خصوصا في الدول النامية؛ وذلك من خلال تقديم الدعم المالي لبرامج مكافحة الإيدز في الدول المنكوبة، والمشاركة في تطوير علاج ناجح لهذا الوباء بأسعار مناسبة لفقراء العالم النامي.
*- يجب اتخاذ إجراءات تحذيرية ثم عقابية صارمة ضد شركات الدواء العالمية العملاقة المنتجة للعقاقير هذا الوباء وبالرغم من مستوى خطورة انتشار المرض إلى جانب قدرته المدمرة للقوى البشرية وأمام سرعة انتشاره والتي جعلته من الأوبئة المستعصية لا زالت تلك الشركات الطبية تتاجر بالمآسي والكوارث الإنسانية، فالأرباح التي تجنيها تصل إلى أرقام خيالية وكل هذا لم يحرّك ذرة من مشاعرهم الإنسانية إن وجدت أصلا.
*- يجب عدم التستر على المتعاطيات للدعارة المصابات بالعدوى لأن هذا في حد ذاته جريمة شنعاء في حق الإنسانية
*- يجب عدم التستر على المتعاطين للفساد من الرجال والشباب المصابون بالمرض لأنه يساهم بشكل كبير في انتشار المرض وإصابة الأبرياء.
*- يجب التدخل في إرشاد وتوعية المحيطين بالمرضى من خلال المساهمة ومنح مرضاهم الأمل في الحياة والمستقبل لكي يستمروا في حياتهم بشكل طبيعي لأننا لا زلنا واثقون في الأمل الكبير في الله ، فبتطور العلم ربما يكشف عن علاج فعال للحد من المرض في ما قريب و في أي وقت، و للتذكير فمرض الإيدز توجد له مجموعة كبيرة من الأدوية وهي أكثر من 20 نوع وكلها تنتج تحسنا كبيرا مما أدى إلى تقليل نسبة الوفيات لدرجة أصبحت نادرة للذين يأخذون الدواء بانتظام.
*- يجب على الأقسام التثقيفية الصحية بوزارات الصحة العامة تنفيذ برنامج متعددة ومتكاثفة ومستمرة لتوعية الجمهور والمتخصصين بمرض الإيدز وطرق الوقاية منه ، مثل إلقاء محاضرات طبية تثقيفية للجمهور وأخرى موجهة لطلاب وطالبات المدارس ، والعمال والعاملات في شتى الميادين و تنظيم دورات للقيادات الشبابية في كل الدولة العربية حول مرض الإيدز بالتعاون مع الهيئات العامة للشباب، وعقد ندوات حول الموضوع بالتعاون ومشاركة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية .
*- يجب دعم ومتابعة دور الأسرة وأهمية العمل على تدعيم النسيج الاجتماعي الذي أصابه الكثير من التفسخ، وما تلعبه العائلات من دور فعال على مستقبل النسل والذي حذرت منه كلمات الأديب العالمي "نجيب محفوظ" من إهمال هذا الدور الأساسي في الحياة بقوله ( افتقاد أطفال إفريقيا لمشاعر الطفولة، ولنتصور ما يمكن أن يكون عليه عالم يحكمه من سرقت منهم طفولتهم). لنأخذ كمثال دور الأسر في إفريقيا الذي تأثرت بالاستعمار والحروب والنزاع والعمالة والأوبئة والتمدن والهجرة والتشرد و اللجوء، وعوامل أخرى مثل بروز الإسلام والمسيحية من خلال اللاجئين الذي كان له دوره بصفة مباشرة في أنظمة الزواج ودور الأسر، فأصبح الطفل الذي يفقد والديه أو أحد هما بسبب الفقر أو الإيدز لا يجد من يعوله، أو يتكفل به وبمرضه المخيف وحتى إن لم يكن مصابا يلجأ بالتالي إلى العمل أو الانحراف أو الشارع.
*- كل هؤلاء المرضى وعائلاتهم هم في أمس الحاجة للحياة في بيئة يسودها الحب والقبول والسلام والأمن والكرامة، عن طريق توفير المساعدة والحماية لنظام الحياة الممتدة، من خلال توفير التعليم والتوعية والرعاية الصحية للأطفال وتغذيتهم وتوسيع نطاق التكفل وما يحمله من معاني إنسانية كذلك حماية الأمهات و العناية بصحتهن وصحة أطفالهن على حد سواء فالمعاناة كبيرة بالنسبة للأطفال الذين يتعرضون للإصابة بالإيدز وافتقادهم للرعاية الأسرية، وتأثير برامج الإعلام على عقولهم البريئة الداعية للممارسة الجنس وشرب الخمر والسجائر الخ، معاناتهم كذلك من الفقر والحرمان فالفقر يحولهم في سن مبكرة إلى منحرفين ثم إرهابيين بعد أن يتم طردهم من طرف الأسرة لعدم استطاعتها إعالتهم، أو لأسباب أخرى. وكذلك ظروف هؤلاء الأطفال المتواجدون في معسكرات اللاجئين الذين يتعرضون للاغتصاب والإهانة، هذا غير إجبار الفتيات لامتهان الدعارة وتبعاتها وأشياء أخرى مخلة تحت الضغط أليست هذه النتائج المخزية سببها الفقر والعوز؟ وضع خطير.ينبئ بأن حجم الدعم المالي والتقني المقدم من طرف الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لمحاربة هذه الآفة المسببة في الإيدز لا يرقى لمستوى الخطورة التي يشكلها المرض الذي يعتبر تحديا هائلاً لدول العالم.
كيفية التعايش مع مرضى الإيدز والسهر على حقوقهم.
لا بد وأن نتفق على أن مرضى الإيدز ليسوا في مجملهم مصابين نتيجة انحرافات أخلاقية، لكن هناك من يصاب بالمرض نتيجة نقل الدم الملوث بالفيروس أو بالوراثة، كما هو حال الأطفال الذين ولدوا من أمهات مصابات، أو عن طريق الزوج.
- من حق مرضى الإيدز الحياة الآمنة وسط مجتمع يتقبلهم ولا يرفضهم وينبذهم أو يعاقبهم و أسرتهم.
- فالحقوق التي تأتي في إطار حقوق الإنسان العادية خصوصا حقوق مرضى الإيدز لابد للإشارة أن هناك قاعدة يجب الاتفاق عليها في التعامل وهي أن((( الثواب والعقاب لرب العالمين )))
- من حقهم العمل ، لأن لو تمت معاقبتهم من المجتمع وحرمانهم من الشغل فلن يجدوا عائلا ولا مأوى أو قوت يومهم ، هذا غير العلاج المستمر والمكلف.
- على المجتمع أن يتقبلهم وان يمنحهم الفرص طالما أنهم قادرون على العطاء و الإنتاج والفاعلية .. فكما يعرف العديد أنه تم تزويج عدة حالات مصابه بالإيـدز .. هذا ا إن دل فإنما يدل على أن التعايش مع المرضى له حل و تحقيق أهداف هذه الفئة في الحياة ليست بالمستحيلة إنما .. تحتاج لقليل من التفكـير والجهد والمتابعة السليمة وهو حق مكتسب لكل أفراد المجتمع ومن حق كل إنسان ألا يشعر بالخطر على نفسه والخوف من مجتمعه ، شعور غالبا ما يدفع أغلبهم إلى النزعة الانتقامية العدائية تلك هي السمة التي يرسخها نبذ المجتمع لمرضى الإيدز.
- ضرورة توعية الناس بأهمية التواصل مع مريض الإيدز خاصة أن طرق انتقال العدوى معروفة.
- ابرز المشاكل النفسية التي تواجه المريض غالبا هو شعوره بوصمة العار التي تتجلى في وصول الخبر لزملائه و أصدقائه و أسرته ومحيطه بإصابته بالعدوى وما يترتب عنها من انعكاسات وتبعات كانعزال المريض عن الناس مما يؤدي إلى تفاقم عدة أمراض نفسية أخرى تزيد من حدة المشكلات الأساسية ، أبرزها الإصابة بالإكتئاب والخوف من دخول المصحات النفسية أو أي منشأة صحية لعمل الفحوص الطبية مخافة العزل أو أي إجراءات أخرى تتخذ في حقه فلهذا يتوجب التخفيف من بعض المضاعفات خصوصا حين يعيش المريض في عزلة ويفتقد إلى الإرشاد اللازم ينتج عن ذلك موقف عدائي للمجتمع لأنه معزول عنه، فيتولد في داخله مقته وكرهه، ويبدأ يحمله مسؤولية انتقال العدوى إليه لأنه أصيب من أحد أفراد المجتمع، وغالبا ما يقول في نفسه: " لماذا لا أنقله لغيري؟. ولم أنا بالذات أصاب به؟. ويتعمد نقل العدوى ليعاني الآخرون مثل معاناته. وفي هذه الحالة يجب السهر أكثر على معاملة الحالة المرضية بشكل سليم من أجل التخفيف من تلك الأعراض النفسية، وعدم الوصول إلى المرحلة العدوانية ومن اجل إخراجه من هذا الوضع السيئ الكل مطالب بدعم هذه الفئة انطلاقا من الأسرة والأصدقاء و المجتمع و العاملين في مجال التطبيب والعلاج (((المــؤمـن للمـؤمن كالبنــيان .. يشــد بعضــه بعضـاً )))
فالبلدان العربية والإسلامية الغنية بثرواتها ومواردها وثراها يجب عليها العمل الجاد من اجل الحفاظ على نسلها حتى تجد من أبنائها من يدافع عنها في هذا العالم المتوحش الذي يخضع إلا للقوة و موارد نسل يمتاز بصحته السليمة، وصحة النسل أهم بكثير من موارد المال لأن الرجال هم من يأتون بالمال وكما نعلم جميعا أن المال عاجز أمام هذا الوباء وحين يصبح الوضع خطيرا مثل الذي نعايشه في مجتمعاتنا وفي بقية ربوع العالم، فإنه يتعين بل يتوجب الوقوف ضد السلوكيات والأفكار التي أوصلت إليه.
من الواضح بل من الأكيد أن الجدل والنقاش الدائر حول محاربة قضية الشذوذ في عالمنا العربي والإسلامي لن يلق الصدى المناسب و المطلوب، وهو ما يعتبر ثقل القوى والفكر المساند للشذوذ الجنسي تحت دعاوى حقوق الإنسان والاختلاف الثقافي من جانب، وعلى الجانب الآخر قد تكون نتائجه كارثة تعكس أن العالم العربي والإسلامي يتجهان نحو منحدر خطير ومنحرف والذي تمتد عواقبه الوخيمة لتلتهم الغث والسمين.
الغريب والمذهل حين نسمع مثل هذا التصريح المغلوط من وزارة الصحة المغربية التي هونت من انتشار الوباء بحجة أن المرض لم تتسع رقعته بالدرجة نفسها التي انتشرت بها في باقي بلدان شمال إفريقيا في حين تتعالى الأصوات وتحذر من تفشي المرض وزحف العدوى التي تبعث عن القلق ويتطلب التعامل معه بصرامة وأكثر جدية. فتصريح الدكتورة حميدة الخطابي المسؤولة عن برامج محاربة الإيدز بنفس الوزارة تعزي ذلك بأنه راجع إلى الجهود المبذولة والمؤشرات التي أثبتت نتائج إيجابية لحملة التوعية التي قامت بها وزارتها والتي تأمل بلوغ هدفها من خلال الخطط التي رسمت لذلك وان العمل والتواصل المستمر مع الشركاء الدوليين لتعميم العلاج على كافة المصابين وقد ثم علاج أزيد من ألف مريض حتى نهاية تشرين الثاني نوفمبر الماضي من طرف وزارة الصحة المغربية.
أما بالنسبة للخطط التي رسمتها الحكومة المغربية في شخص وزير الصحة والتي أعلن عنها خلال اليوم العالمي لمكافحة الإيدز الذي يصادف الأول من شهر ديسمبر من كل عام ضمنها الخطة الوطنية لمكافحة هذا الوباء التي تقضي إلى تقوية الوقاية انطلاقا من 2007 إلى 2012 لتشمل حوالي مليون شخص في غضون 2011 وإنجاز أكثر من 150 مليون اختبار ومراقبة وتوفير الأدوية مع العناية النفسية والاجتماعية للمصابين حيث بلغ غلافها المالي إلى مبلغ 560 مليون درهم مغربي أي ما يعادل تقريبا 560 اورو.
وفي الأخير لكم آخر أرقام 2007 بالنسبة المصابين بالإيدز
*/ فتك الإيدز ب20 مليون شخص من أصل أزيد من 60 مليون مصاب بالمرض
*/ خلف الإيدز 14 مليون يتيم في العالم
*/ في القارة الإفريقية 30 مليون مصاب بالإيدز فيهم 3 ملايين طفل دون سن 15
هذه الأرقام كما جاءت في بيان البيت الأبيض .... (7)
الدعوة هذه مفتوحة عبر هذا البحث الذي يأتي في أسفل قائمة الأعداد الهائلة التي سبقته ، قد تبدو في ظاهرها الرحمة وفي باطنها الكثير، فالرحمة هنا تحمل الجميع مسؤولية المشاركة الفعلية من أجل إنقاذ هؤلاء المرضى من الأطفال والأمهات والشيب والشباب .
أما باطنها فهو أنه لن تستطيع أي دولة بمفردها مواجهة مشكلات العولمة وسلبياتها، وأن على الجميع التكاتف حتى لا ندفع جميعًا الثمن، فكلنا مسؤولون أمام أنفسنا و شعوبنا، والحلول موجودة و جاهزة بين أيدينا للمواجهة، بل يجب العمل الجاد والاستفادة من كل التجارب المختلفة وأن لا نهمل ونهون من الأمور الجدية .
المصادر
(1)ا يوإس إن فو منشورات بتاريخ 24/ تشرين الأول/ 2006
(3)اهسبريس مطبوعات 18/2/2007
(4) المصدر الشرق الأوسط العدد 9238
(5) يونسيف نشرات إخبارية
(6) الجزيرة طب وصحة 18/7/2007
(7) وزارة الخارجية الأمريكية منشورات 9/3/2007
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق