10‏/07‏/2010

الوهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــم



حلت زينب رفقة زوجها ضيفة على مدينة أكادير المغربية لقضاء شهر العسل ، فانبهرت

بجمالها ونقاء أزقتها وقاطنتها الذي يبدو على وجوه جلهم الترف والسعادة والمرح ولا شك

أن هذا كان كاف ليكون في ذهنها مظهر من مظاهر النجاح في العمل الذي يكفل الازدهار في

الحياة اليومية وهي التي تنحدر من عائلة عريقة في امتهان التجارة فصممت أن تقيم مشروع

تجارتها بتلك المدينة دون استشارة اقرب المقربين إليها لأن رؤيتها الصائبة للأمور كونت في

أعماقها قناعة بأن مشروعها سيكون مربحا خصوصا في تلك البقعة الزاخرة بجمالها وسكانها

فراودتها أحلام الطموح إلى المعالي والارتقاء في معارج الثراء الفاحش.



كانت زينب حديثة الزواج وكان رفيق عمرها اصغر منها سنا وآية في الحسن والجمال، فشغفت

به شغفا يفوق الوصف من أول نظرة وما أبطأت حتى اقترنت به وهي لا تعرف عن ماضيه إلا شيئا

يسيرا، لكن حبها له جعلها تقفز عن كل الجزئيات ، فقررت النضال بل أعدت كل شيء يمكنها العيش

معه في سعادة وثراء، وبالفعل لم يخب ظنها لأعوام وكان التوفيق حليفها لأنها حين اتخذت قرار

إقامة مشروعها كانت نستند على دراية كافية وإلمام كبير استطاعت أن تحمي بهما تجارتها أثناء

الزوابع الاقتصادية ولم تسقط أمام العوائق التي صادفتها في طريقها ، لكن ذلك التوفيق لم يكن

كاملا لأن الفشل اخترق وترك بصمته في علاقتها الزوجية .



مع مرور الأيام أصبح زوجها هاجسا ثقيلا، شتت أفكارها ودمر طموحها ، لدرجة أنها كانت

جل لياليها تخلو بنفسها وهي تنتظر قدومه فتعيد كلماته التي خدشت كرامتها وأضرمت في

قلبها نار الغيظ وتجاوزت كل الخطوط الحمراء سيما حين اكتشفت إقدامه على اقتراف

جريمة النصب والاحتيال في حق مالها، فأصابها انقباض عارم وغضب متفجر ومرارة في

النفس حولت شغفها به إلى كره لأن خيانته ضمت بين ثناياها جرعة عنيفة من خذلان لا يمكن

مقاومته।





كانت زينب مطبوعة بقلة الكلام مع أنها حادة الشعور وسريعة الإحساس ولهذا كظمت غيظها

وترنحت متماسكة متحملة لمرات عدة أفعاله اللامسؤولة بصبر وثبات نادر المثال،

لأنها كانت تعشقه وكانت لا ترى سببا لتعقيد الأمور ولا ترى أيضا في تهوره مثقال ذرة تدعي

لخلخلة علاقة الحب والود التي تربطها به ولا تدعي حتى للندم أو للأسف على اختيارها،

إذ كانت تعاتبه أحيانا وتعاقبه بمقاطعته لكنها قلما تتب على عزمها هذا أكثر من يوم واحد

لأنها كانتتعتقد أنها تحيى لأجله فكانت دوما تجد له الأعذار والأسباب لاغتفار أخطائه

ومسامحته.



كانت زينب كلما أطالت التأمل في علاقتها وارتباطها بإدريس ازدادت استصوبا وعقلانية محاولة

تخطي إخفاقها بسبب العثرات التي تراكمت في طريقها، لكن تلك الليلة بالذات صممت على

مواجهته والاعتراف له بخداعه المدنس، ولأنها تؤمن بان الخسارة مهما عظمت أيسر وارحم

من أن تعرض مالها للضياع وكرامتها للعار الغدر.



تجاوزت عقارب الساعة الرابعة صباحا حين تشرف بمقدمه وهو في حالة يرثى لها كعادته

مؤخرا ، صرخ في وجهها كي لا يبرر موقفه ذلك والذي لا يحسد عليه فانهال على مسمعها

بمفردات وجمل لم تكن لها معنى ولم تفهم معناها تلك اللحظة، فاستجمعت شجاعتها ولو أنها

شجاعة في أمور أكثر من ذلك أهمية وخطورة وحسمت القضية وأنهت الأمر فاختارت لنفسها

ما رأته مناسبا وفق ما اشتهى قلبها المندمل بالآهات والجراح فقاومت شعورها وأصرت على

عزة نفسها وطهارة سيرتها فكانت صارمة في قرارها خصوصا حين أدركت أن عشقها لذلك

الحقير المرتدي جلد الأسد المغوار لم يكن سوى خدعة انساقت وراءها فجعلتها حقيقة بقوة

الوهم..



28/6/2010

ليست هناك تعليقات: