اليوم بالذات ليس كسائر الأيام لأنها جلست تفكر طويلا في ظلم وإهانة وجبروته.
اليوم بالذات شعرت بغضب جعل الأرض تترنح تحت قدميها كما نال منها حتى اهتز فؤادها.
اليوم بالذات لن تنكر انه دلها على مكمن قسوته التي هي اصلب من الصخر وأعث من الأمواج الغاضبة.
جلست في قلق وتفرست في الجدران لعلها ترسى باب الخلاص أو أي منفذ تهرب منه، وتتركه يتحمل
لوحده شر أعماله بل يتحمل وزر أكبر البلاء وأشق العناء خصوصا حين أنكر النعيم وباع الهناء
وأبخس الأثمان ، وبينما هي في ذلك أجفلت عيناها ونظرت صوب باب وتوقعت الخلاص فتحقق حدسها.
لكن اليوم بالذات لن يكون كسائر الأيام، لأنها استقضت مبكرا ولم تؤثر عليها الأحداث المؤلمة
، فراقبت كعادتها حركة الطيور بشتى ألوانها وأنواعها، و هي تطير بحرية ، ظافرة بالسعادة
فتمنت أن تتعلم منهم الطيران حتى تحلق بعيدا، فتخيلت أنها صعدت إلى سلة كبيرة وفجأة
تصاعد منها اللهب وانفتح كيس هائل ثم ارتفع وطار بعيدا، كيس لا عهد لها به ولم ترى جماله
عيناها من قبل، لا يعترف بأي نظام ولا منهج ، رأت كل شيء صغيرا عن حجمه، الأشجار ، الهضاب،
السهول والجبال، الوديان والبقر والأغنام ، المشاكل والآلام، رأت القلق والتوتر أصغر بكثير مما
كانت تعاني منه، لكن فجأة انقبض صدرها حين فكرت أنها لن تلتقي بل فقدت للأبد الأحبة
والأصدقاء كغصن قطع من شجرته أو غريب في بلد غير بلده.
تذكرت والدتها وتلهفها عليها، تذكرت إخوتها وصديقاتها، تذكرت مرارة قسوة زوجها ،
فتضرعت للمولى عز وجل أن يعيدها لأهلها وأحبتها، لكن دعاؤها لم يستجاب وتألمت كثيرا
وبكت بحرقة حتى شاخت وشاب شعرها فلم يبقى أمامها إلا أن تتحمل على مضض ما هي فيه
وتتلوا ما تيسر من القرآن الكريم تكثر من الدعاء.
اليوم بالذات لن يكون كسائر الأيام بالنسبة لفاطمة فلا عجب إن وجدتم نفوسا كسيرة
وأرواحا حية ميتة، مهمهت بهذا وهي تفرك عيناها لئلا تكون في حلم، فتحققت أنها في
يقظة فانتفضت من طبيعة السر الكامن وراء الغرائب المدهشة ورددت
" رب شر ينتج عنه خيرا".
هناك 4 تعليقات:
إليكم بعض النقاط لطيف هناك. قمت بالبحث في الموضوع وجدت الناس أساسا لن تقبل مع بلوق الخاص بك.
وهذا جيد إيفاد آخر ساعدني كثيرا في دراستي assignement. الامتنان لكم والمعلومات الخاصة بك.
الصراحة لا استطيع أن أفيذكم في هذا الشأن.
لكم تقديري
الشكر لله وحده
تقبل خالص تقديري
إرسال تعليق