02‏/11‏/2007

الفقر أكثر قسوة في يوم الفقر العالمي



جموح و طمع القطب الواحد الساعي للسيطرة على العالم هو الأم التي أفرخت الفقر أكثر مشاكل العالم إلحاحا وككل سنة صادف يوم 17 أكتوبر / تشرين الأول يوم الفقر الذي أقرته الأمم المتحدة ، لكنه لم يكن كالسنوات السابقة إذ فاجأ العالم بفداحة خطورته واستشراء وبائه فأعداد الفقراء في تزايد وتكاثر حتى أصبح العديد يتساءل كيف حدث هذا والكل جامد كالخشبة التي تنتظر السوس بل وجها لوجه أمام معضلة تهدد العالم، أمم ابتلت بالفقر والجوع والعوز والحرمان حتى الهلاك، هنا برزت من جديد مقولة رئيس جنوب إفريقيا " مبيكي" التي ألقاها في خطابه بمناسبة مؤتمر الأرض الذي أقيم بالعاصمة جوهانسبورغ ( أصبح العالم جزيرة أغنياء تحيط به بحار الفقراء ) وصف دقيق للحالة المزرية وتذكير لكل الغافلين واللامبالين إذ لا يوجد ما هو أسوأ من الفقر الذي اجتاح ثلثي دول العالم بسبب الحروب وما تخلفه وراءها من دمار لا يقبله أي مبدأ عقل سليم حتى أصبحت الحرب وآفة الفقر عاشقين مرتبطين لا ينفصلان والأحداث الراهنة خير شاهد على ذلك.

حققت البشرية خلال القرن الماضي نهضة في شتى الميادين والمجالات أهمها ارتفاع الناتج الإجمالي العالمي من ثلاث آلاف بليون دولار سجل سنة 1960 إلى أزيد من أربعون بليون وثمان مئة وخمسون ألف دولار سنة 2006 وما تحقق من أرباح هائلة في هذه القفزة كذلك إحراز دول العالم الغنية على ما يعادل ثلاثون تريليون دولار من الاقتصاد العالمي ، الولايات المتحدة تملك لوحدها 12 مليون تريليون دولار من تلك النسبة ومع هذا رقعت الفقر في العالم تضاعفت والهوة بين الفقراء والأغنياء اتسعت إذ نجد شخص من بين خمس أشخاص يعيشون تحت خط الفقر وتقدر ساكنة كوكب الأرض بستة مليار نسمة منهم 4.3 مليار من سكان الدول النامية منها ثلاثة مليار تعيش بدولارين أمريكيين في اليوم ومن بين هذا الرقم يعيش 1.2 مليار نسمة على أقل من دولار أمريكي واحد في اليوم وهذا ما أقرته التقارير المختلفة والمتعددة لمنظمة الأمم المتحدة التي تعدها كل سنة في هذا السياق.

آخر تقرير للتنمية البشرية لسنة 2006 ركز على أخطار تفاقم الفوارق في الوصول إلى المياه الصالحة للشرب في العالم وفي توفير شبكات الصرف الصحي وهذه الخلاصة التي تركز على أن المياه اضعف حق من حقوق الإنسان لخير دليل على خطورة الأوضاع التي تنمي آفة الفقر و تعبير صارخ و اعتراف مباشر يبرز تزايد أزمة الظاهرة الخطيرة التي يواجهها العالم، والتي قد تسبب عدة صرا عات كذلك تطرق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في نفس التقرير إلى الفوارق القائمة بين الأفراد في العالم وذلك تحت عنوان "ما هو أبعد من الندرة: القوة والفقر وأزمة المياه العالمية".أما عنصر التمييز الثاني في حق الفقراء في مجال المياه فيتمثل في أن من يكتب له منهم الاستفادة من خدمات هذين القطاعين بشكل محدود، فإنه يدفع ثمنا أعلى بكثير مما تدفعه الطبقات الغنية. فعلى سبيل المثال يدفع سكان الأحياء الفقيرة في جاكرتا بإندونيسيا ومانيلا بالفيليبين ونيروبي بكينيا مقابل كل وحدة مياه سعرا يفوق ما بين 5 و 10 مرات ما يدفعه أصحاب الدخل المرتفع في نفس المدن. وفي الوقت الذي يؤدي فيه سكان نيويورك أو لندن ما بين ( 0,8 و 1,8 دولار) للمتر المكعب ونجد سكان مناطق فقيرة في غانا أو كولومبيا يدفعون (ما بين 3 و 6 دولار ) للمتر المكعب كذلك هناك ظاهرة إدارة الموارد المائية المشتركة التي قد تشكل عاملا خطيرا للتوتر مثلما هو الحال بالنسبة لسكان الأراضي الفلسطينية الذين يرى التقرير "أنهم يواجهون ندرة حادة في المياه من ناحية محدودية قدرتهم في الحصول على المياه السطحية ومن جهة أخرى لعدم التكافؤ بين إسرائيل وفلسطين في إدارة مستودعات المياه الجوفية أسفل الضفة الغربية ويورد التقرير أن استهلاك الفرد الإسرائيلي في المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية يبلغ ستة أضعاف ما هو متاح للفلسطينيين الذين يشتركون في العديد من مصادر المياه ذاتها.كذلك أضاف نفس التقرير بأن من بين 177 دولة في العالم تقع البلدان العربية ذات الثقل السكاني في آخر الرتب من حيث التنمية البشرية إذ تحتل اليمن الرتبة 150، السودان 141، المغرب 123، مصر 111، الجزائر 102، إضافة إلى 21 مليون امرأة من أصل 37 مليون شخص، تحت خط الفقر في الولايات المتحدة، حسب أرقام مكتب الإحصاء في الولايات المتحدة للعام 2006. كذلك إذا كان متوسط المسافة إلى القمر يساوي 394.400 كيلومتر، فإن نساء جنوب إفريقيا يمشين ما يقارب 16 رحلة إلى القمر ذهاباً وإياباً في كل يوم لتزويد عائلاتهن بالماء، حسب تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لعام 2006. ( المصدر.الأمم المتحدة التنمية الاقتصادية والاجتماعية تقرير التنمية البشرية للعام 2006 ).

أشار رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر أن دراسة أجريت على مقاييس الفقر في الدول النامية تضمنت عدم القدرة على تلبية الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية مثل الطعام والسكن والملابس والمياه والصحة والتعليم وانه يسكن في أفقر 1000 قرية نحو 10 ملايين و300 ألف نسمة منهم 51.8% من الفقراء . ( المصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ).

تجاوزت ثروة ثلاثة من أغنى أغنياء العالم ما يعادل الناتج المحلي ل48 أفقر دولة وهذه الأرقام تكشف الظلم الذي ليس له أي مبادئ أو قوانين أو معايير أمام الربح وتعظيم الثروات ولو على حساب جمهور عريض لا حول ولا قوة له، لكن الخطر الحقيقي هو تجاهل وإهمال النتائج السلبية وما يترتب عنها من أضرار بدأت تفوح رائحتها النتنة وتنذر بافدح الأخطار على مستقبل البشرية عموما والدول العربية والنامية خصوصا، إذ من الصعب الحديث أو المطالبة بالحقوق الطبيعية في ظل غياب الديموقراطية والعدالة النزيهة التي تضمن الحقل المناسب لخلق وتفعيل الحلول وتطبيقها على ارض الواقع، فالفقر المقذع والجهل والتخلف والأمية طال أزيد من مائة مليون مواطن عربي هذا ما أكده تقرير التنمية البشرية لعام 2006 حيث جاء فيه ( أن المستويات المرتفعة لفقر الدخل تسهم في انعدام الحريات الحقيقية في العالم ).

كل ما سبق ذكره يوضح لنا صورة نخبة الدول الغنية والتي تتحمل الجزء الأكبر مما آلت إليه أوضاع البشرية وتتحمل كذلك مسؤولية التلاعب في تحويل مجاري الوضع الاقتصادي العالمي إلى عملية نهب ثروات دول العالم بطريقة مباشره وغيرها وتكديسها في رفوف خزائنهم لتتضاعف ويزدادوا غنى و يزداد عدد الفقراء، كذلك يشاركهم في هذا التلاعب الفظيع النخبة الحاكمة في الدول النامية والعربية التي لا تفكر إلا في تهريب ثروات بلدانهم وتكديسها وتجميدها في البنوك الغربية عوضا عن استثمارها وإنعاش المشاريع التنموية داخل بلدانهم من اجل الارتقاء بجماهيرهم إلى مستويات أفضل مما هم عليه، وكذلك اقتناء المعدات العسكرية الباهظة الثمن من أجل بناء قوة عسكرية كبيرة وقد تكون بلدانهم في غنى عنها ولها أوليات أخرى ( لقد هدر العالم العربي أكثر من 60 بليون دولار عام 99 في صفقات شراء السلاح ).

أسباب الفقر في العالم العربي والبلدان النامية
· الحروب المتعاقبة والنزاعات المسلحة الطائفية التي خلفت دمارا كبيرا ولازالت تنهج نفس الطريق
· الحروب بالوكالة القاعدة السارية حاليا في بعض الدول
· الحصار والعقوبات الاقتصادية والغزو الذي أفرخ الضغوط من اجل إضعاف وإفقار الخصم خير مثال ما يصل في العراق ولبنان وأفغانستان ودول القرن الإفريقي وتيمور الشرقية .... الخ نأخذ على سبيل المثال دولة أذربجان التي أصبحت نسبة 32% من سكانها يعيشون تحت خط الفقر مقارنة ب 4 % خلال سنة 1988
· عدم المساواة والحرمان الاجتماعي ، الجشع والتسلط والحكم الاستبدادي المستعبد.
· إهمال الموارد الطبيعية رغم وفرتها و الاستثمارات العامة في المجالات الحيوية
· التفاوت الكبير في الدخل
· ارتفاع نسبة النفقات العسكرية
· الثقافة المؤسسية العربية الجامدة، وسوء التنظيم وانعدام الإدارة النزيهة
· النمو الديموغرافي العربي الذي يسبب الانفجار السكاني بحيث يحتل أعلى نسبة في العالم حتى بالقياس مع الدول النامية.
· الركود والتراجع الإجمالي وضعف القوة الإنتاجية.
· للعولمة كذلك دور في انتشار الفقر من خلال تدميرها اقتصاد الدول النامية ورفع سقف ثروات الدول الأغنى في العالم وهذا ما نوه إليه علماء الاقتصاد العالمي إذ جاء على لسان (جورج سروس احد أقطاب الاقتصاد الغربي ... أن العولمة أدت إلى انتقال رؤوس الأموال من الأطراف " هنا يقصد الدول النامية " إلى المركز " يقصد الدول الغربية ) وتبنى جون ستحليتر خبير الاقتصاد السابق في البنك الدولي نفس الرؤيا والفكرة.
· للاحتباس الحراري له دور مباشر في الفقر وما تسببه الغازات السامة التي تصدرها مصانع أكبر الدول المصنعة من أضرار في طبقة الأزون والذي يساهم في الكوارث الطبيعية التي تحصد الأخضر واليابس في طريقها مثل الأعاصير والزلازل والفيضانات والتصحر وكل هذا يؤذي كوكب الأرض ويدمر الأرض ويفقر من عليها، والغريب أن أغنى الدول في العالم لا زالت تتعنت وترفض التوقيع على أي اتفاقية تحد من مخاطر الاحتباس الحراري كأن القانون خلق لفئة دون أخرى.
· العجز عن توفير الحد الأدنى من الخدمات في الدول الأشد احتياجا لها .

بعد تفكيك الاتحاد السوفيتي نشأ وضع آخر فريد ألا وهو ولادة القطب الواحد المهيمن بقيادة أمريكا التي تحتل رأس الهرم على قائمة الدول الغنية في العالم ، ففرضت سيطرتها وبسطت نفوذها على المعمورة بدون منازع وسار على نهجها الاتحاد الأوروبي وروسيا والدول المانحة الأخرى خصوصا اليابان و سعى هذا الترابط بين القوى المتفوقة إلى تخفيض ميزانية مساعداته وصفقات استثماره بشكل حاد كما حصل سنة 1998 حين قررت الولايات المتحدة حظر قيام أي استثمارات أمريكية وأجنبية في ميانمار وتبعها الاتحاد الأوروبي ومنظمة العمل الدولية بفرض عقوبات على الشركات المتعددة الجنسية التي تجرأت وقامت ببعض الاستثمارات الصغيرة في المنطقة وهذا الأسلوب القمعي الساعي وراء استدامة عدم الاستقرار واستنزاف الموارد أدى إلى رفع رقعة الفقر والفقراء ، ولا زال يسعى هذا التكتل وراء مآمراته الجامحة التي لا تعد ولا تنتهي والساعية إلى الهيمنة على كوكب الأرض دون الانتباه إلى الوضع المرشح للانفجار في أي لحظة انطلاقا من بعض الدول التي تأبى الرضوخ لأطماع القطب الواحد المهيمن كإيران وسوريا وبعض الدول الأخرى وكل المؤشرات تكشف عن نهج مبرمج يؤدي إلى إفقار الشعوب عمدا فينمو معه العنف والجريمة والإرهاب .

بعض الحلول للتصدي لانتشار الفقر في العالم العربي والدول النامية

· إنعاش الاقتصاد وخلق المزيد من الفرص الاقتصادية والموارد ومواردها وتوزيعها توزيعا متكافئا.
· علاج التفويت الصاخب في سوء التنظيم وإحداث إدارة نزيهة تسعى إلى العمل المستديم الذي يضمن على المدى الطويل ازدهار الأوضاع وتمكين المواطنين من أسباب الحياة المستدامة وسط بيئة تتسم بالأمن والعدل وسيادة القانون الأمران الضروريان اللذان يهيئان ويضمنان مواصلة النضال من اجل التنمية الصحيحة.
· اختيار حكومات نزيهة ومتمكنة قادرة على خلق وظائف وأشغال متعددة من خلال توفير جهاز بيروقراطي باستطاعته تطوير القطاع الخاص الذي يعد لبنة المجتمع.
· الحد من الانفجار السكاني الذي يهدر الموارد والطاقات معا
· تقليص النفقات العسكرية والتسلح والحد من اللامساواة الطبقية
· الالتزام بالقرارات السياسية للمؤسسات المالية للدول المانحة التي لا يجب أن تقتصر خدماتها على تقديم الغداء والأدوية والخيام بل يجب أن تخلق برامج فعالة ترمي للحد من هذه المعضلة بصفة متواصلة ومستديمة.
· يجب مضاعفة الاستثمار الأجنبي الجاد والمباشر في الدول النامية والمحتاجه والذي يؤدي إلى نهضة توفر منافع للفقراء والمعوزين وبهذا يؤمن القطب المهيمن وأتباعه جزيرتهم المتخمة بالثروات وأمنهم وسلامهم .
· مساعدة الدول المناضلة التي تسعى لتعزيز برامجها التنموية في ظل الظروف التي تفرضها العولمة والخصخصة ودعمها من أجل الاستفادة وكسب المهارات القابلة للتطبيق الفوري في العديد من المجالات كالاستثمار الداخلي والخارجي والاستفادة من الأسواق والمشاريع الصاعدة التي تستند على سيادة القانون النزيه.
· اتخاذ التدابير اللازمة للدفاع على المساواة ودفع ودعم القطاع الخاص والعام لتوسيع وخلق الفرص الاقتصادية التي تتضمن آفاق تنموية واسعة.
· اختيار حكم رشيد يتسم بالشفافية والنزاهة الذي يخلق ويسعى وراء برامج تكاملية تتسم وتستقر على أسس تنظيمية تعاونية بين جميع القطاعات والمنظمات الحكومية والغير حكومية وإنشاء مؤسسات ديموقراطية تقوم على أفضل وجه، تخلق رؤى جديدة تكون أسسها التشارك والتضامن الواسع الأبعاد والسعي للإصلاح الجذري الكامل المتكامل الذي يضمن العديد من المهام التي ترتقي بالشعوب والمواطنين الأكثر حاجة للمساعدة للأفضل من خلال حياة واقعية وعمل دءوب.
· التخلي عن الشكوك الباطنية التي تضمرها المؤسسات والأفراد في دوافع كل من هما بل يتوجب تظافر جهود الجميع من اجل رأب الصدع بما يتفق مع روح الوضع والعصر والعولمة والحداثة التي قد تكون قوة لتنشيط الاقتصاد والتنمية إذا استحسن استعمالها وأديرت بطرق سليمة فقد يمكن معها خلق فرص تنموية عديدة يتوجب عدم تبديدها.
· محاربة وعدم تجاهل العبث الكامن وراء الفساد الذي يمكن بقليل من الحنكة والصرامة والجد دحره من مكانه العريض ليتركه للعمل بأمل في غد أفضل.
· عدم تجاهل القطاع الخاص الذي يعتبر قاطرة النمو في العصر الحديث من خلال المكافئات وتيسير الخدمات وتشجيع المنتجين المحليين.
· يجب إعادة النظر في التفاوت الكبير في سوء التنظيم والإدارة في الظروف الصعبة وغير المستقرة لأن التشنج والإهمال سبب في النزاعات الداخلية وهي الأقسى والأظلم التي تؤدي حتما إلى تردي الأوضاع المزرية أصلا، لأن التنظيم المناسب هو الذي يفرض على المرء ذاته ويفرض تطبيق المعاهدات والاتفاقيات والقوانين من اجل التغلب على المحن والتجاوزات وتوفير ثقافة جديدة تسمح بمواكبة التحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية

في العقد الماضي سجلت الحروب أزيد من خمسة ملايين قتيل ومثلهم مشردين وفقراء بالجملة ودمرت العديد من الموارد والمؤسسات وانهار اقتصاد تلك الدول وقد تختفي الحروب بذخيرتها الحية يوما ما وتحل محلها الخسائر الجسيمة التي تتجلى في بليرات الدولارات التي هدرت بدون سبب معقول يذكر، فإذا التزمت الدول المانحة ، خصوصا أمريكا واليابان بوعديهما في رفع المعونات التنموية التي تقدم للدول الفقيرة سوف تحض التنمية الاقتصادية بنمو ينعش الاستثمار بمشاركة القطاع الخاص من خلال خلق مؤسسات تهتم بالأسواق العالمية والمنشآت الخاصة والتأكيد على الملكية المحلية آنذاك قد تتوفر الشروط والأرضية المناسبة التي في ظلها تتحقق التنمية الاقتصادية المرنة بمعناها الشامل وتتقلص نسبة الفقر وعدد الفقراء بصفة عامة وتنبعث حياة جديدة بالنسبة لشريحة كبيرة من ساكني كوكب الأرض، لأن محاربة الفقر ليس بإنقاذ الأرواح بل بخلق حياة متكافئة و مستديمة . أما إذا لم تحرك الدول الغنية ساكنا وظل الوضع على ما هو عليه فل تتحمل أخطاء آليات تخطيطها ولتواجه الأعباء والمسؤوليات الناتجة عن تدفق الكم الهائل من المهاجرين على بلدانهم سعيا في لقمة عيش ولو كانت مريرة ، واتساع رقعة الإرهاب التي تبعث من أي فرد عانى الظلم والحرمان والاستبداد والاستعباد، كذلك اتساع رقعة الأنشطة الإجرامية المتنوعة لأنه لا يعقل أن يموت آلاف الأطفال ومثلهم يتضرعون جوعا وعطشا وعوزا بينما تنفق تسع دول متقدمة أكثر مما تقدمه منظمة الأم المتحدة من معونات للدول الفقيرة مجتمعة خلال سنة غداءا للقطط والكلاب ولمدة ستة أيام فقط مهزلة أليست كذلك ؟؟؟؟ إضافة إلى أن دخل أغنى 500 شخص في العالم حاليا يتجاوز دخل 416 مليون فقير (حسب تقرير التنمية البشرية لعام 2006) في حين لم تسعى حتى اللحظة 22 دولة غنية من توفير 0.7 %من إجمال دخلها القومي أي ما يعادل 50 سآنس من كل 100 دولار للمساهمة في المساعدة على تخليص الفقراء من آفة الفقر.

كل المعطيات تشير أن آفة الفقر انتصرت على الأمم ، وإذا لم يتم تكسير حلقاته المتشابكة فلن ينجو أحد من آثاره المدمرة ولسوف تنجذب أكثر الدول الغنية المتعنتة سواء الغربية أو العربية إلى مستنقع عميق، فالأوضاع الحالية مثال صارخ على الحاجة الماسة إلى نهج متكامل يضمن الأمن والعدل والمساواة والسلام، إذ أصبح من المستعجل ومن الضروري حل ومعالجة الفقر الذي يهدد العالم برمته، فهاهي الأصوات المختلفة تدق أجراس الإنذار أمام هذه الفضيحة اللاخلاقيه، فالكل مسؤول ومدعو للمشاركة والعمل الجاد لبناء مجتمعات تتوفر فيها المساواة والحقوق والعدل من اجل تقوية أواصر الترابط والتعايش والتوافق بدلا من التمزق وإفقار الشعوب عمدا وقهرا .
20/10/2007


ليست هناك تعليقات: